السيدة فريدة العارف العمد
جبلت روحها بالتاريخ والأصالة منذ لحظة ولادتها علم 1938، فهي ابنة المؤرخ الفلسطيني الكبير عارف العارف…لقد كان الأب القدوة الذي غرس في ابنته حب الوطن والانتماء للقضية وأهمية الفكر الحر من أجل التحرر …
ولعل من يقرأ مؤلفاته يجد أنه خير من أنصف المرأة ودافع عن حقها في المساهمة المجتمعية وربط ذلك بتقدم المجتمع وبناء الحضارات، الأمر الذي كان له بالغ الأثر في تشكيل فكر السيدة فريدة النضالي والتطوعي.
بدأت رحلة تعلمها في مدرسة الفرندز، وكانت النكبة الفلسطينية في أوجها آنذاك، وكان لا بد من كل مواطن أن يدافع بالسلاح الذي أوتي به…فما كان من معلماتها إلا الحرص على نقل أمانة زرع الروح الوطنية في نفوس طالباتهن بكل إخلاص وتفاني…فكبرت السيدة فريدة وهي متمسكة بحق الدفاع عن القضية الفلسطينية. وتذكر السيدة فريدة أنها كانت تلبي الواجب الوطني بالتزامن مع واجباتها المدرسية، فمثلا كانت تطوع في مبادرة السيدة هند الحسيني التي هدفت إلى إيواء أطفال مجزرة دير ياسين.
وبعد أن أنهت مرحلة الثانوية العامة، سافرت مع أخيها التوأم “فاروق” إلى الكويت من أجل العمل واستكمال التعليم، وكانت تلك أيضا فترة تعارفها على زوجها الدكتور كامل العمد، فعادت لتكوٍن أسرتها على أرض الوطن. ولم يكن التزامها الأسري وتفانيها لعائلتها عائقا في نشاطها المجتمعي، حيث كانت تتطلع بإعجاب على تجربة ومسيرة السيدة سميحة خليل، الأمر الذي جعلها تصمم أن تحذو حذوها وأن تدعمها في رؤيتها بالنهوض في الأسرة الفلسطينية وإغاثتها من آثار الاحتلال من خلال تعزيز وتمكين المرأة لتصبح قوية ومستقلة تحديدا من خلال التدريب المهني والجامعي … فكان نشاطها دعما لصمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال من خلال النشاط المجتمعي …
أصبحت السيدة فريدة عضوا إداريا في الجمعية منذ عام 1968، وشغلت منصب نائبة رئيسة الجمعية السيدة سميحة خليل في الفترة بين العام 1982 إلى العام 1999، ثم تولت رئاسة الجمعية منذ عام 1999 حتى بداية العام 2019، أي أنها قضت أكثر من 54 عاما في التطوع! ومن المستحيل أن يفني إنسانا عمره في مؤسسة واحدة دون أن يكون على إيمان راسخ برؤيتها وأهدافها ورسالتها…ولعل أكثر ما كان يزيدها ثباتا على الاستمرار هو شعورها بالمسؤولية تجاه أبناء شعبها، وذكرت بأنها كلما ترى دموع أم شهيد أو الحزن في عين أم أسير تجد أن ما تقدمه للوطن قليل…وكانت دائما تقول بأن “فلسطين لنا جميعا” فمن واجبنا جميعا أن نبذل أقصى ما نستطيع لأجلها…
السيدة فريدة العمد هي بصمة راسخة في تاريخ الجمعية ومدرسة عريقة تتلمذت على يديها أجيالا من سيدات الوطن اللواتي عزمن على استكمال مشوار البناء والسير على طريق العودة والحرية…