كنا قد أعلنّا قبل عددين عن استحداث قسم خاص في مجلة “التراث والمجتمع” للمقالات المحكمة، وقد أثمر هذا الإعلان بأكثر من طريقة منها أنه وصلنا عدد من المقالات الأكاديمية الجيدة للتحكيم، فنشرنا اثنتين منها في العدد 56 وننشر اثنتين في العدد الحالي. ثمرة أخرى للإعلان كانت أنني تعلمت حكمة جديدة لم أكن أعرفها من قبل فحواها أن من يريد أن يتخلص من بعض الأصدقاء ويكتسب بعض الأعداء فليصدر مجلة أكاديمية محكّمه.
لا أدري عن مدى صدق هذه الحكمة بالنسبة لمجتمعات أخرى، ولكنني أعرف من تجربتي الخاصة أنها سارية المفعول في مجتمعنا الفلسطيني، ثلاثة على الأقل ممن قدموا أوراقاً للتحكيم في مجلة التراث والمجتمع الفلسطيني، ورفضت أوراقهم، قطعوا علاقاتهم معي ومع المجلة ومع ” مركز دراسات التراث والمجتمع الفلسطيني”. كنت سأعتذر لأولئك الأصدقاء، وأعود فأنشر أوراقهم لو كان للمجلة ولاء عائلي أو عشائري، حزبي أو طائفي، ولكنني أعتذر لأن مجلتنا لا ولاء لها إلا للمعايير الأكاديمية المطلقة. وأنني أعتقد أن على الشخص الأكاديمي أن يميز بين الأمور الشخصية والعلاقات الأكاديمية، ولا ينظر الى تقييم ورقة أو دراسة وكأنها تقييم لشخصه، ومن يفعل ذلك فإنه لن يتمكن من تطوير قدراته العلمية والأكاديمية.
أعود فأدعوكم لتقديم أبحاثكم ودراساتكم الى قسم الدراسات المحكمة في مجلة “التراث والمجتمع” وأعدكم أن أوراقكم ستذهب الى المحكِّمين دون ظهور أسمائكم أو ما يشير الى هويّاتكم ليجري تقييمها حسب معايير علمية أكاديمية دون النظر الى أي اعتبارات أخرى متعلقة بشخوصكم على أن تتقبلوا نتائج التحكيم بنفس الروح دون أي اعتبارات متعلقة بشخوص المحكّمين.
المحرر